Nombre total de pages vues

vendredi 17 juin 2011

شكري بلعيد المنسق العام والناطق الرسمي لحركة الوطنيين الديمقراطيين

شكري بلعيد المنسق العام والناطق الرسمي لحركة الوطنيين الديمقراطيين:
تونس متعددة.. متنوعة.. ومنفتحة لا يمكن أن يختزلها حزب واحد والإتحاد العام التونسي للشغل هو الرقم الصعب في المسار الديمقراطي

كيف ترى حركة الوطنيين الديمقراطيين الوضع الراهن بالبلاد وما هي مقاربتها تجاه مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها الاستحقاق الانتخابي ومسار الانتقال الديمقراطي، وما هي قراءتها للمشهد السياسي الذي تولد عن ثورة 14 جانفي؟
أسئلة عدة طرحناها على الأستاذ شكري بلعيد المنسق العام والناطق الرسمي للحركة الذي أجابنا بكل وضوح ورحابة صدر.
كيف تقيمون الوضع العام في تونس حاليا ؟
 يتميز الوضع الراهن بالعديد من المظاهر ، أولها عدم وضوح المسار السياسي وذلك بحصره في انتخابات 23 أكتوبر دون البحث في شروط العملية الانتخابية وإطارها العام حيث نلاحظ حضورا غريبا للمال السياسي لدى بعض الأحزاب ليقابله غياب كلي للمراقبة وللمحاسبة ، وهو ما يشكل تشويها للمشهد السياسي وسرقة لإرادة الشعب.
كما نلاحظ مواصلة الإعلام العمومي خاصة لما تربى عليه من تغييب لقوى سياسية ولأنشطتها في مقابل إبراز قوى سياسية أخرى وتغطية تفصيلية لأنشطتها في محاولة لفرض مشهد سياسي على القياس مغاير للحقيقة وللواقع.
كما نلاحظ أن محاسبة من تورط في قتل شهدائنا وتعذيب المناضلين والنشطاء ومن عبث بالمال العام لا تتم حسب المطلوب وتسير ببطء شديد بما يثير الشك والريبة.
كما يتميز الوضع بغياب الحوار الوطني الشامل بين كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين مع الحكومة المؤقتة بما يسهل إدارة المرحلة الانتقالية وإيصال البلاد إلى الانتخابات، حيث يتم انتقال السلطة بشكل سلس ، ديمقراطي، مدني ويليق بثورة تونس.
يضاف إلى ذلك كله أن الملف الاقتصادي والاجتماعي لم يطرح بعد بشكل جدي بين الفاعلين الحقيقيين مما ساهم في حالة إرباك تعيشها البلاد.
هذه هي المميزات العامة للوضع الراهن على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته قوى الثورة منذ الإطاحة بالدكتاتور إلى الآن مرورا بحل التجمع الدستوري الديمقراطي والهيئات الصورية وفرض انتخاب مجلس تأسيسي وما أفرزته حركة شعبنا وقواه الحية من أشكال تنظم ونضال عديدة ومتنوعة.
إذن، هناك مكاسب ومنجزات إيجابية  تحققت بفضل الشعب وهناك محاولات من قوى الثورة المضادة للالتفاف على تلك المكاسب وعلى الثورة نفسها، هو صراع إرادات يشهد أوجه في انتخابات المجلس التأسيسي.
 تحدثتم عن قوى الثورة المضادة، من تعنون؟
 قوى الثورة المضادة هي كل القوى التي كانت مستفيدة من نظام الاستبداد والفساد النوفمبري وأساسا بقايا التجمع الدستوري الديمقراطي وعصابات الفساد المالي وبعض الدوائر الأمنية ، هذا الثالوث الذي شكل أساس الطبيعة الدكتاتورية لبن علي وهو ثالوث يتواصل بتعبيرات مختلفة لكن بجوهر واحد.
ولقد تعززت قوى الثورة المضادة بقوى الردة المدعومة من البترودلار، إذن قوى الثورة المضادة هي كل القوى المعادية لبناء تونس الجديدة وبناء الديمقراطية الاجتماعية القائمة على أساس مدنية الدولة والفرد والمساواة التامة والمتجذرة في هويتنا العربية الإسلامية بأفق تنويري تقدمي.
 حركة «الوطد» تؤمن بالهوية العربية الإسلامية  لتونس؟
لقد كانت حركة الوطنيين الديمقراطيين منذ نشأتها في أواسط السبعينيات من القرن الماضي من أول المنحازين والمدافعين عن انتماء تونس لأمتها العربية وتجذرها في فضائها العريق الإسلامي مؤكدة على أن الهوية بقدر ما هي تجذر في الثقافة الجامعة للأمة بعنصريها العروبة والإسلام بقدر انحيازها وإعلائها للأسس والجوانب التنويرية التقدمية في هذا الموروث العظيم.
كما أن الحركة فهمت وتفهم الهوية باعتبارها مشروعا متجددا ومفتوحا على المستقبل ليساهم كل جيل في بلورته والإضافة فيه، فالهوية مفهوم ديناميكي وبنيان متصاعد له روافد عديدة ومقومات أساسية ثلاث:
أولها العروبة بالمعنى الحضاري حيث أن تونس جزء من الوطن العربي وشعبها جزء من الأمة العربية التي تشكل الفضاء التاريخي الحقيقي لتطورها وتقدمها واستكمال إنجاز مهام الثورة خاصة في بعدها  الوطني.
ثانيا، الإسلام التنويري التحرري حضاريا الذي يقطع مع السائد ومع ثقافة الاستبداد المرافق له والذي يحتضن التعدد والإخلاف والتنوع  داخله، ذلك أن إسلام شعب تونس كان إسلام التنوير والتحرير بلورت ملامحه إسهامات رموز أجلاء بدءا بالإمام سحنون ومرورا بابن عرفة المرغني الذي حرم العبودية وصولا إلى العلامة محمد الطاهر بن عاشور والطاهر الحداد وحسين لخضير وكوكبة من المصلحين الأفذاذ الذين قطعوا مع ثقافة النقل والتقليد ودفعوا حركة العقل والتجديد.
ثالثها ، انخراط تونس وشعبها في المنجز الحداثي للإنسانية التقدمية حيث كان شعبنا ونخبه سباقين إلى الانخراط ، تأثيرا وتأثرا، في القيم الكونية للحداثة القائمة على مركزية مدنية الإنسان ومنظومة حقوقه الأساسية واعتماد الديمقراطية  قيما ومضمونا وآليات في إدارة الاختلاف داخل المجتمع واعتبار الحرية أساسا  لمعنى الوجود الإنساني وأن الشعب مصدر الشرعية والمساواة عنوان التحضر والانتماء للعصر.
   إذن، فهوية شعبنا هي مقومات مكوناتها الثلاث المركزية هي عروبية وإسلامية وانخراط في الحداثة.
 غريب، خطابكم لا يختلف عن خطاب حركة النهضة؟
 يختلف جوهريا ، أولا الإسلام بالنسبة إلينا عنصر جامع ومشاع مشترك بين كل التونسيات والتونسيين في حين أن حركة النهضة وكل الأحزاب المتسترة بالدين تسعى لخوصصته واحتكاره وتقسيم التونسيين على أساسه إنه عنصر وحدة بالنسبة لنا وعنصر تفريق بالنسبة لهم.
إن حركة الوطنيين الديمقراطيين مع فصل الدين على السياسة، باعتبار أن السياسة نسبية والدين مطلق،  وهي مع تحرير الدين من التوظيف الحزبي السياسي ومع أن تتحمل الدولة وحدها دون غيرها رعاية دور العبادة والقائمين عليها واعتبارهم موظفين عموميين محمول عليهم واجب الحياد تجاه كل الفرقاء السياسيين لأن المساجد ملك عام أقيمت لعبادة الله الواحد الأحد وليس لعبادة حزب من الأحزاب.
ثانيا، نحن نرى أن مدنية الدولة والإنسان تشترط إخراج المقدس من الصراع السياسي لأن السياسة فعل بشري نسبي مرجعيته أفكار الناس ورؤاهم وحقله الصراع الاجتماعي وأطرافه فئات وطبقات.
إذن، لا يمكن أن يدمج المطلق والمقدس والعام في النسبي في حين أن حركة النهضة تسعى إلى إلباس السياسة والصراع السياسي، وهو نسبي وبشري، لباسا دينيا مطلقا غير بشري.
ثالثا، الإسلام بالنسبة إلينا به مستويات ثلاث ، النص المقدس وما أنتجه الفقهاء والمفكرون والمسار التاريخي أي الحضارة المجسدة لذلك الإنتاج، وهي مستويات مختلفة لكل منها وضع. وشرطه وممكنات قراءاته في حين أن النهضة وكل الأحزاب المتسترة بالدين تسعى إلى خلق وهم يفيد تداخل وتساوي تلك المستويات الثلاث بحيث تعمل على إبراز أن خطابها البشري متطابق مع الخطاب الإلاهي بالاستناد إلى النص المقدس، لذلك فإن قراءاتنا وموقفنا يختلف جوهريا عن قراءة وموقف هذا النوع من الأحزاب المتسترة بالدين . وهو الاختلاف بين مشروعين مجتمعيين متناقضين أحدهما يقوم على أن مصدر الشرعية والسيادة هو الشعب المعبر عنه في الجمهورية الديمقراطية والآخر يرى أن مصدر الشرعية والسيادة في الغيب والمعبر عنه في دولة استبدادية ثيوقراطية.
هل أفهم من هذا أن في صفوف الوطد «إخوة وأخوات» ؟
 طبعا لنا العديد من المناضلات والمناضلين الذين يواظبون على أداء فرائضهم ، ولنا في الحركة العشرات الذين أدوا فريضة الحج كما لدينا في الحركة عديد المناضلات المتحجبات، لكن في تقديري السؤال لا يطرح هكذا لأننا حزب سياسي والانتماء له يتم على أساس تبني برنامجه السياسي وبدائله ومقترحاته، في حين أن المعتقد يظل مسألة فردية تتعلق بضمير كل شخص ولا يجوز مطلقا لكائن من يكون أن يتدخل فيها بما في ذلك الدولة، لأن حرية المعتقد والضمير هي أساس الحريات الأساسية الواجب احترامها من طرف الجميع مهما كانت وكيفما عبر عنها، ما لم تشكل اعتداء على النظام العام، لذلك فإن حركتنا  لا تنظر في معتقدات من ينضمون إليها.
 بصراحة، ما هو موقفكم من حركة النهضة؟
كنا واضحين في العلاقة والموقف من حركة النهضة حيث أننا نعتبرها حركة رجعية ومن أقطاب الثورة المضادة تأسيسا على كونها تحمل مشروعا استبداديا يناقض المشروع التاريخي لحركتنا ويتجلى ذلك في مسائل ثلاث:
أولها، حركة النهضة تعتمد شرعية غيبية نقيضة للشرعية الشعبية المتجددة وتؤسس مشروعها على هوية أحادية للمجتمع والدولة وترى نفسها المعبر عن المقدس في السياسة.
ثانيها، حركة النهضة تعتمد على ازدواجية الخطاب حيث تسوّق داخل قواعدها وفي أدبياتها أن الحاكمية لله وأن المجتمع هو مجتمع جاهلي وجب أسلمته وأن الديمقراطية مجرد الية وأن المرحلة هي مرحلة صلح بين الجماعة المسلمة ممثلة في النهضة والمجتمع الجاهلي ممثلا في بقية الأطياف كما صرح بذلك الصادق شورو في كلمته أمام جماعة السلفية الجهادية خلال مؤتمرها في سكرة حيث اعتبر المرحلة الحالية التي تمر بها تونس هي مرحلة صلح الحديبية، في حين أن خطاب حركة النهضة المعلن والمروج للعموم يقوم على القبول بالديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة ...
إذن، ازدواجية الخطاب تؤسس للتناقض بين الديمقراطية والاستبداد ذلك أن المشروع الديمقراطي يتطلب خطابا واضحا شفافا.
ثالثها، علاقة حركة النهضة بالقوى الدولية وأساسا الاستعمارية حيث  لاحظ الجميع هرولة قيادة هذه الحركة نحو «الشيطان الأكبر» الولايات المتحدة الأمريكية «لطمأنتها» وضمان مصالحها والتعاون البناء معها بعد أن كانت العدو الأكبر في خطاب الدعاية الديماغوجي للنهضة،  وهو نفس الشيء بخصوص علاقتهم بوزارة الخارجية الفرنسية ، بل وفي الوشائج المتينة التي تربطها مع أنظمة البترودولار الخليجية.
إذن، الخلاف هو جوهري يتعلق بالقضية الوطنية ويتعلق بالقضية الديمقراطية وبالنمط المجتمعي المطروح على تونس الجديدة.
 خطابكم راديكالي وسقف مواقفكم عال لا يشجع على استقرار البلاد؟
 هذا مخالف للحقيقة، والمتتبع لما أصدرناه من بيانات وما عقدناه من عشرات الاجتماعات الشعبية يقف على حقيقة خطابنا ، نحن راديكاليون في الدفاع عن شعبنا ضد الدكتاتورية وبقاياها ، ومنفتحون على كل الفئات والشرائح والطبقات التي تضررت من الدكتاتورية.
أما في فيما يتعلق بالاستقرار وعودة الإنتاج  فقد كنا من الأوائل الذين دعوا إلى حماية مؤسسات الإنتاج والمؤسسات العمومية والمؤسسات التربوية من عبث المخربين واعتبرنا ذلك مهمة وطنية.
إن دفع العملية الإنتاجية وخلق مناخ إيجابي يتطلب توفير أقصى شروط الاستقرار ، والاستقرار يتطلب  توفر الأمن ، والأمن في منظورنا يعني سياسة أمنية قوامها خدمة الوطن واحترام المواطن وتثبيت علوية الدستور وعدم الخضوع للتعليمات المخالفة للقانون والتسريع في محاكمة  الذين أجرموا في حق هذا الشعب، وتثبيت استقلالية القضاء هي السيد الضامن الحقيقي والوحيد للاستقرار.
إن في توفير ذلك كله رسالة قوية لكل أبناء الشعب عامة ولرجال الأعمال منهم خاصة، الذين حررتهم الثورة من تسلط المافية حتى ينخرطوا في مسار ثورة شعبهم ويساهموا في بناء اقتصاد وطني يضمن التشغيل الفعال والتوازن الجهوي.
لكن أين دور الأحزاب في هذا الموضوع؟
هذه مسؤولية كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والحكومة المؤقتة وكذلك الإعلام، مسؤولية خلق شروط الاستقرار مهمة ملقاة على عاتق الجميع، وعدم الاستقرار يستهدف الأساس عملية الانتقال الديمقراطي، لذلك فمن مصلحة الأحزاب الجادة والساعية لإنجاز الانتخابات في موعدها وفي مناخ سليم وبمشاركة شعبية واسعة توفير كل الظروف اللازمة للاستقرار والطمأنينة.
ما هو رأيكم في أداء الحكومة المؤقتة؟
 هذه الحكومة عرفت ارتباكا كبيرا في أدائها حيث لاحظنا أنها لم تقف على حقيقة دورها ولا على طبيعتها، إذ هي حكومة مؤقتة لا شرعية لها إلا شرعية التوافق السياسي، والتوافق السياسي لا يتأتى إلا بالحوار والتشاور مع كل الأحزاب والفعاليات في حين أن ما نراه هو أن هذه الحكومة لم تدخل في حوار جدي إلى حد الآن، ولم تستوعب دورها وطبيعتها، إضافة إلى نزعة التسلط والإنفراد وهو ما سبب الكثير من التوترات المجانية زاده بطء أدائها في العديد من الملفات الحساسة وتناقض تصريحاتها في شأن الملفات الأخرى ارتباكا وهشاشة.
كيف تفسرون ثورة 14 جانفي انطلاقا من مرجعيتكم الفكرية؟
 إن ثورة 14 جانفي في تقديرنا هي مسار ثوري مفتوح عرف ويعرف حلقات عدة رافعته الأساسية مسألة الديمقراطية في مواجهة الاستبداد والدكتاتورية، وعمقه  اجتماعي يقوم على العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي والتشغيل في مواجهة الحيف والفساد، وأفقه الإستراتيجي المسألة الوطنية بتحرير القرار السياسي الوطني من سيطرة وهيمنة الدوائر الأجنبية.
وهو مسار ثوري جمع ويجمع كل طبقات الشعب المضطهدة من عمال وفلاحين فقراء وصغار ومتوسطين وموظفين وعموم الأجراء والمعطلين عن العمل ومهمشي الريف والمدينة ورجال الأعمال الوطنيين ، كل هؤلاء نساء ورجالا هم في قطب الثورة وقواها ولهم مصلحة في تطويرها وتجذيرها والانتقال بها من طور الإطاحة بالدكتاتور إلى طور استكمال تفكيك الدكتاتورية منظومة وأجهزة وشخوص.
إذن، هي مسار ثوري مترابط الحلقات وبأفق يرتبط أشد الارتباط بالإطار الإقليمي القومي وبما يفرضه من موازين القوى.
هل ترون بأن هناك مخاطر تهدد عملية الانتقال الديمقراطي؟
 طبعا هناك مخاطر داخلية وخارجية، فبقايا النظام القديم مازالت حاضرة في العديد من مفاصل الدولة والإدارة والإعلام، كما أن قوى ذات مشاريع الاستبداد والمدعومة بالمال السياسي الداخلي والخارجي لها حضور وتأثير .
 يضاف إلى ذلك كله، فإن قوى دولية عديدة والكيان الصهيوني والعديد من أنظمة الاستبداد والفساد في الوطن العربي القريبة والبعيدة كلها لها مصلحة في ضرب الثورة في تونس والالتفاف على إرادة الشعب ، رغم سعيها الظاهر إلى إبداء عطفها وتعاطفها مع ثورة شعب تونس بعد أن كانت ولسنوات طوال السند الرئيسي لنظام بن علي ، وهي تحاول الآن بعد أن فاجأتها الثورة احتواءها وتخريبها من الداخل ، لذلك فإن الحذر واليقظة الآن مطلوبان أكثر مما سبق ولأن البناء أصعب من الهدم.
 أين وصلت خطوات توحيد التيار الوطني الديمقراطي؟
 قطعت أشواطا هامة لكن رصينة وهادئة حيث قطعنا خطوات في توحيد المواقف السياسية من مستجدات الواقع الراهن، وتوحيد المواقف في ما يتعلق بالمرحلة القادمة ومن استحقاقاتها ، والمسألة تتطلب المرحلية والعقلنة في إنجاز هكذا مهمة.
 هل القطب الديمقراطي الحداثي هو جبهة انتخابية أم هو التقاء فكري وسياسي؟
 مازال النقاش حول هذه المسألة مستمرا، مع التأكيد على أن الأساس في هذا التمشي هو ضرورة خلق جبهة ديمقراطية واسعة في علاقة بانتخابات المجلس التأسيسي، إذن هو التقاء انتخابي وليس تحالفا سياسيا فكريا فالجميع يعرف أن مرجعيتنا الفكرية وخطنا السياسي ذي طبيعة يسارية جذرية.
وفي خصوص القطب الديمقراطي الحداثي يهمني التأكيد على أنه بصدد النقاش والحوار والبلورة ، ولم ترتسم ملامحه النهائية بعد.
: هناك من يقول بأنكم هربتم بالثورة إلى سقف مطالبكم العالي؟
هذا شرف لا ندعيه وتهمة لا نردها ، ساهمنا ونساهم في تجذير المسار الثوري ودفعه إلى الأمام مع كل قوى الحرية والتقدم، ولن نقبل بأن يقف المسار الثوري عند بعض الإصلاحات أو بعض الترميمات.
 هل ترون أن دستور 1959 مازال صالحا؟
لا يمكن لدستور عام 1959 الذي شكل الأساس القانوني للحكم الفردي والدكتاتورية أن يكون صالحا الآن، ويظهر أن بعض الذين طرحوا تعديله لم يستوعبوا بعد أنهم إزاء ثورة تتطلب تأسيس نظام سياسي جديد ينبثق عن مجلس له قوة التأسيس يستند إلى إرادة وسيادة شعبيتين وعليه يكرس دستور ديمقراطيا جديدا.
 أي نظام سياسي ترونه الأفضل لتونس اليوم؟
 نحن في حركة الوطنيين الديمقراطيين نرى أن النظام السياسي القادم يجب أن يتأسس على:
ـ احتكار البرلمان لسلطة التشريع ،
ـ الحكومة تتشكل من الأغلبية البرلمانية وتكون مسؤولة أمام البرلمان،
ـ انتخاب رئيس الدولة مباشر من طرف الشعب مع حصر سلطاته في السياسة الخارجية بالاشتراك مع الحكومة ورئاسته للقوات المسلحة ضمانا لوحدة الدولة وتواصلها،
ـ سلطة قضائية مستقلة تقوم على قانون أساسي يكرس استقلالية القضاء طبقا للمعايير الدولية ، يحميه مجلس أعلى للقضاء يكون منتخبا من طرف القضاة.
ـ  محكمة دستورية للنظر في دستورية القوانين يمكن اللجوء إليها حتى من الأفراد.
ـ مجالس ممثلة لكل مكونات المجتمع المدني وذوي الاختصاص لها طبيعة استشارية ملزمة  )مجلس أعلى للتنمية الجهوية، مجلس أعلى للتشغيل...(
إضافة إلى ديمقراطية محلية أساسها مجالس جهوية منتخبة من طرف سكان كل ولاية ولها موازنات مالية مستقلة، ومجالس محلية منتخبة في كل معتمدية ولها موازنات فرعية.
ما هو موقفكم من الفصل 15 من المرسوم المعروف ومن مسألة الاجتثاث؟
ج: أولا الفصل 15 لا علاقة له بالاجتثاث حيث أنه استبعد كل من تحمل مسؤولية في التجمع المنحل الذي لم يكن حزبا بل كان أداة للدكتاتورية والفساد ، ثم إن هذا الاستبعاد مؤقت يرتبط بانتخابات المجلس التأسيسي وهو إجراء وقائي لحماية المسار الثوري عرفته كل الثورات .
أما في ما يتعلق بالاجتثاث، فنحن ضد هذه المقولة أصلا ، فقد طالبنا ونطالب بالمحاسبة والمصارحة والمصالحة ، ذلك أن كل من لم يتورط في القتل والتعذيب وفي الاستيلاء على المال العام عليه أن يعترف بمسؤوليته السياسية وأن يعتذر للشعب ، وهي تجربة عرفتها جنوب إفريقيا والمغرب وساهمت في إرساء ثقافة جديدة تقطع مع الاستبداد والإلغاء والاحتراب.
 كيف هي علاقتكم بحزب العمال الشيوعي التونسي؟
 هي علاقة جيدة ، فيها إلتقاءات وتفرقات، وأساسها الاحترام والحوار، ونسعى إلى تطوير هذه العلاقة بتنمية وتوسيع المشترك والتغلب على نقاط الإختلاف خاصة وأن ما يجمعنا كثير تعززه علاقات صداقة متينة بين مناضلي الطرفين.
 هل وجودكم على أرض الواقع يتماثل مع سقف خطابكم السياسي؟
 للوقوف على حقيقة الأمر وجب تغطية اجتماعاتنا الشعبية التي نظمناها في العديد من ولايات البلاد ومدنها  )  قفصة، جندوبة، باجة، سوسة صفاقس، جرجيس، القيروان، سليانة، الرديف .....( لتأكدتم من حجم ومستوى التفاعل مع خطاب الحركة ، ولعل انتشار الحركة لتغطي كل معتمديات البلاد وولاياتها وفي وقت قياسي وبدون مال سياسي لخير دليل على عمق حضورنا واتساع قاعدتنا.
هل أعددتم برنامجا انتخابيا؟
نعم، وهو بصدد البلورة النهائية من طرف مجموعة من مناضلي الحركة المتخصصين في شتى المجالات.وسيصدر في كراس قريبا.
 بعض الألسن، سامحها الله، تقول إنه في حال فوزكم ستكون آخر انتخابات تشهدها تونس وعلى الديمقراطية السلام؟
 بالنسبة إلينا الديمقراطية ليست آلية للوصول للحكم بل هي منظومة قيم ومحتوى والانتخابات هي أداة الديمقراطية في تجديد الشرعية، وكل شرعية لا تستند للانتخابات الحرة الشفافة هي شرعية زائفة تؤسس للاستبداد مهما كانت دوافعها وخلفياتها، لذلك تمسكنا بانتخابات المجلس التأسيسي، ولذلك تمسكنا بالتمثيل النسبي حتى لا يحتكر حزب أو تحالف حزبي المؤسسات الدستورية ، ولذلك أيضا أكدنا على ضرورة التوافق حول عقد جمهوري تأسيسي يشكل إطارا جامعا ومشتركا تلتزم به كل أطراف المشهد السياسي التونسي وإحدى أسسه المفصلية هو التداول السلمي على السلطة عبر انتخابات حرة شفافة وتعددية.
نحن سنحترم نتائج صندوق الانتخاب كيفما كانت وندعو غيرنا لأن يحترمها أيضا.
من هو الرقم الصعب في عملية الانتقال الديمقراطي؟
في تقديري الرقم الصعب في لمسار الديمقراطي هو نفسه الرقم الصعب في معادلة الثورة واقصد طبعا الإتحاد العام التونسي للشغل، هذه المنظمة التي لعبت دورا أساسيا في تاريخ البلاد الحديث عامة وفي مسار الثورة خاصة، وكانت الحاضنة والحاملة لها جهويا وقطاعيا ، نفسها المنظمة التي لا يمكن أن نتصور تونس الجديدة بدستورها الديمقراطي الجديد بدون حقوق اقتصادية واجتماعية للأجراء.
ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا كان الإتحاد العام التونسي للشغل في قلب المعادلة القادمة، فالإتحاد لم يكن يوما من الأيام مجرد منظمة مهنية فقط بل كان له دوره الوطني دائما وأبدا.
 أنتم راديكاليون في مجتمع أساسه طبقة وسطى؟
الراديكالية لا تعني التطرف وما تسميها الطبقة الوسطى ونسميها البرجوازية الصغيرة هي مكون أساسي في مشروعنا السياسي وفي بدائلنا الاقتصادية والاجتماعية.
والمجتمع التونسي يميل إلى البدائل والبرامج العقلانية والمتدرجة التي تمس طيفا واسعا من طبقات الشعب وهو ما نهدف إليه، لذلك فالقول بأننا على هامش الثقافة المجتمعية قول لا أساس له من الصحة ، بل نحن قوة دفع وتنوير وتجذير للعناصر الأساسية في هذه الثقافة القائمة على الاعتدال والتضامن وأن العمل قيمة مركزية وهو أساس إنتاج الثروة وأن العدالة الاجتماعية قاعدة الاندماج الاجتماعي وأن إعادة توزيع الثروة يتم حسب الجهد وان للمبادرة الفردية والمشروع الفردي مكانة مركزية في البناء المجتمعي الذي نسعى إليه، وأن تونس متعددة ، متنوعة، ومنفتحة لا يمكن أن يختزلها حزب أو جبهة أو تحالف وأنها بيتنا جميعا ندير اختلافنا فيه بأسلوب وآليات وقيم ديمقراطية.
إذن، نحن في القلب من الثقافة المجتمعية لشعب تونس.  



أجرى الحديث منور مليتي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire