Nombre total de pages vues

vendredi 20 mai 2011

جــيــشـنا البــاسل حامي الثورة.. ولا يزال

 في موكب مهيب الروحية تودّع شهيدها البطل وليد الحاجي
 موكب دفن الشهيد العقيد الطاهر العياري: حضور بعض الشخصيات السياسية وغياب الجهات الرسمية


 تقول الرواية القديمة ان رجلا غريبا عن الجهة أصر على شراء قطعة أرض من احد مالكيها فرفض هذا الاخير بيعه اياها ولما أعاد الطلب بإلحاح اجابه المالك كيف أبيع أرضي وهي عندي بغلاء الروح بل انها روحي من هنا جاءت تسمية الجهة «الروحية» هذه المعتمدية الصغيرة التي تمثل قطعة من الخريطة التونسية العزيزة على قلوبنا جميعا والتي لم يتردد الرقيب أول وليد الحاجي في تلبية ندائها وانتفض من فراشه يلبس ثيابه على عجل ناسيا انه في إجازة لينطلق أعزل من كل سلاح على أرض خبر سهولها وهضابها ووديانها يلاحق من سمع انها عصابة جاءت تتطفل على المواطنين وتهدد أمن البلاد وسلامتها.
لم يكن يدرك بعد يومين يتيمين قضاهما من إجازة ثمانية أيام أنه سيلقى حتفه بنفس المكان الذي تمنى أن يدحر فيه عدو البلاد... بل لعله لم يفكر أصلا في احتمال استشهاده أو احتمال عودته سالما الى بيته، صار الأمر على عجل... وتواصلت الملاحقة في الأرض الوعرة أعوان الجيش الوطني والحرس والشرطة وسكان الجهة هبوا صفا واحدا للقبض على الإرهابيين الذين تفطن الى نواياهم وخطورتها مواطن بسيط يقظ، أعلم عنهما في الحال. لتستمر الملاحقة قرابة الأربع ساعات وتسفر عن استشهاد المقدم الطاهر العياري والرقيب أول وليد الحاجي ومقتل الارهابيين بجهة الهرية من معتمدية الروحية...

في موكب مهيب لا يقام الا للأبطال حضرته مجموعة كبيرة من عناصر الجيش الوطني والحرس والشرطة، وكل أهالي الروحية، حيث أغلقت جميع المحلات، ووقفت النسوة أمام المنازل يطلقن الزغاريد، شيعت بعد ظهر أمس الخميس جنازة الرقيب أول وليد الحاجي بمقبرة «أولاد الموله» حيث ووري جثمانه بعد تحية عسكرية كتبت سطورها نهاية بطل قدم الروح فداء للوطن...
نداء الواجب
عند الساعة السادسة من صبيحة أول أمس الاربعاء فتحت الدكان المعد لبيع المواد الغذائية المجاور للبيت، وأحسست حركة غريبة في الحي، بعد لحظات شاهدت الارهابيين يجريان وخلفهما مجموعة من أهالي الجهة الذين كانوا يصرخون «الحقوا بالعصابة وأمسكوا بها» وعندما سمعت عدة طلقات نارية عدت بسرعة الى البيت وأيقظت زوجي ليتولى إعلام زملائه بما يحدث.
هكذا بدأت حنان الكثيري (زوجة وليد الحاجي) حديثها إلينا، مضيفة أنه هبّ مسرعا من فراشه بقميص صيفي محاولا ركوب الشاحنة التابعة للجيش الوطني والتي كانت تطوي الأرض، طيا، لم يتمكن وليد من اللحاق بالأولى لكنه أدرك الثانية راميا نفسه بصندوقها الخلفي، وكانت حنان تطلب منه العودة وتذكره أنه في إجازة، لكنه صرخ أن العصابة دخلت بلاده ولا بد أن يلتحق بزملائه..
كانت هذه آخر الكلمات التي سمعتها حنان من زوجها الرقيب أول، أما ما حدث بعد ذلك فهي تجهل تفاصيله.
غير أنها تؤكد على رؤيتها للإرهابيين وللسلاح الذي كان بحوزتهما، خاصة الحزام الناسف الذي كان يحيط بخصر أحدهما..
لوعة الفراق... وافتخار بالشهادة
بحرقة وألم وحسرة... امتزجت بفخر الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن... عبّرت السيدة الهذبة زغدود والدة الشهيد رقيب أول وليد الحاجي عن حزنها العميق لفقدان فلذة كبدها الذي فارق الحياة أول أمس عن سن تناهز 33 سنة... لكنها مؤمنة بأنه لبى نداء الوطن... والذود عنه ضد أي محاولة إرهابية من شأنها أن تزعزع أمن واستقرار بلادنا... حيث استفاقت والدة الشهيد كأي مواطن قاطن بمنطقة الروحية على دوي الطائرات في الصباح الباكر... ودخل أغلب الأهالي حسب ما ذكرته السيدة الهذبة زغدود في حالة من الرعب والهلع... والتساؤل حول سبب تحليق المروحيات... لكن سرعان ما انكشف الغموض... حين جاءت إيمان حفيدتها لتعلن أن هناك معركة في منطقة الهرية الواقعة على بعد 3 كيلومترات من منطقة الروحية... وأكدت لها أن خالها الشهيد وليد بعد سماعه بالعناصر الإرهابية هب مع زملائه للدفاع عن الوطن والحيلولة دون بث الفوضى أو دخول هذه العناصر الى البلدة وبث الرعب وربما القيام بعمليات انتحارية... والدة الشهيد... لم تتمكن من تمالك نفسها خرجت مسرعة من المنزل في اتجاه الهرية... للاطمئنان على ابنها... فاستقلت (النقل الريفي) ليقربها من ميدان المعركة لكن  عن وصولها وسؤالها لأحد الموجودين من الحرس الوطني والجيش عن ابنها... وقلبها يكاد ينفطر ويخرج من مكانه من كثرة الخوف من ان تسمع خبرا مفزعا... لكن ارادة الله اقوى من كل شيء... وفقدت وعيها تقريبا عندما اجابها عون الامن بالمكان ان ابنها مصاب... ولم تعد تذكر ما الذي حل بها... هل هي حقيقة... ام حلم ام انها فقدت مداركها العقلية...
وتذكر السيدة الهذبة والدة وليد الحاجي انها بقيت في حالة صدمة الى حدود العاشرة صباحا حين جاءها نبأ وفاة ابنها عندها اضحت المسألة حقيقة وواقعة فعلا... عندها تأكدت انها لم ولن ترى وليد مجددا... لكنها في الآن نفسه أكدت أنها بقدر ما هي حزينة على فقدان ابنها فهي ايضا فخورة لأنه استشهد في سبيل الدفاع عن الوطن ونداء الواجب والذود عن مناعة تونس... ومستقبلها...
ولوليد ابنان ايوب وعزيز الاول يبلغ عمره 4 سنوات والثاني لم يتجاوز السنتين...
آخر كلمة...
تقول أخت الشهيد وليد الحاجي ان آخر كلمة سمعتها منه كانت «... اني ذاهب مع قوات الجيش لأنظف البلاد من الارهابيين» وكان ذلك عبر اتصالها به هاتفيا للاطمئنان عنه خاصة بعد خروجه مسرعا من منزله...
وأكدت السيدة مبروكة الحاجي اخت وليد رقيب أول أنها لم تطمئن بعد خروجه وأعادت الكرة مرة أخرى واتصلت به هاتفيا وسمعت صوت اطلاق الرصاص وعندها تأكدت ان الحالة خطيرة وان هناك معركة حامية الوطيس تدور في الروحية....
اعتراض ... ثم انسحاب
أكدت شاهدة العيان الأولى للارهابيين السيدة هنون شعبان البالغة من العمر 73 سنة انهما مرّا بها عندما كانت ماضية في طريقها الى «العّطار» صحبة زوجة الشهيد وليد الحاجي لاقتناء بعض الحاجيات ...وللوهلة الأولى حسبتهما من شباب المنطقة لكن عند اقترابها منهما تأكدت انهما غرباء ويحملان أسلحة وواحد منهما يحمل حزاما ناسفا ... عندها اتكأت جانبا وتركتهما يمضيان في طريقهما  ولاذت بالفرار ... وهلعت بالصراخ ... وأبلغت وليد جارها ان هناك عناصر ارهابية تجول في الحي ...
شقيق  وليد يروي اللحظات الأخيرة
كنت في منزلي بجهة الهرية عندما اتصل بي صديقي ليعلمني ان هناك قناصة بالمكان هذا الاتصال تزامن مع سماعي سلسلة من الطلقات النارية وقبل ان اخرج من البيت تتالت الاتصالات من الاصدقاء تأكدت حينها ان امرا خطيرا يجري في الجهة، فاتصلت بشقيقي وليد، فاذا بهاتفه لا يجيب.
لم يتردد حسان الحاجي أحد اشقاء الشهيد في اللحاق بمكان الحادثة ليجد شقيقه مصابا برصاصة استقرت في الرأس، كان قلبه ينبض مع تنفس بطيئ عندما نقل على متن مروحية عسكرية مرفوقا بشقيقه الذي اصر على ذلك، وقبل بلوغ مستشفى سبيطلة حيث كان الاتجاه لفظ انفاسه الاخيرة.
شاهد عيان يثمن دور الأهالي
عبد الجليل العثماني أصيل معتمدية الروحية (وهو مهندس بالسعودية) يؤكد على الدور الايجابي الذي قام به اهالي الجهة في هذه العملية التي لم يسبق لها مثيل بالمعتمدية، وأفادنا أنه واكب العملية منذ لحظاتها الاولى بمحطة اللواجات، عندما تفطن سمسار المحطة الى الارهابيين المندسين بين المسافرين، وهذا يعود الى معرفة الاهالي لبعضهم بحكم الجوار والقرابة، وأصرّ أنهما عندما تحصنا بالفرار بوادي العريش كانت مجموعة كبيرة من السكان تلاحقهما رغم حوزتهما للسلاح.
وأضاف انه شاهد الرقيب أول وليد الحاجي يوجه اعوان الجيش الوطني الذين كانوا على متن المروحية ويحاول ان يحدد لهم مكان الارهابيين، عندما اصيب برصاصة في الرأس.

الصحافة ـ الروحية: ناجية السميري ومنصف العويساوي






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire